Tuesday, December 22, 2009

العار والجدار


حمدى قنديل

A Very Good Comment (Arabic)

"......لا تفسير لذلك إلا واحد من اثنين، إما أن الحكومة تعلم جيداً أن قرار إقامة الجدار العازل مع غزة لن يلقى قبولاً شعبياً عريضاً أو أنه سيثير سخطاً عربياً عارماً، ولذلك فهى لا تريد أن تنشره على الناس إن لم تكن تود أن تتبرأ منه، وبهذا فهى حكومة جبانة، أو أنها لا تأبه بمشاعر شعبها ولا يهمها مَنْ عارض ومَنْ أيد، مصريين كانوا أم فلسطينيين أم عرباً، وبذلك فهى حكومة متغطرسة..

ربما يكون هناك تفسير ثالث أيضاً، هو أن الحكومة.. مثلها مثل حكومات الدول المتخلفة المنغلقة.. تعتقد أن عدم نشرها للخبر يعنى أنه لن ينتشر، وأن أفضل وسيلة لوأده فى مهده هى تجاهله، وعندئذ فهى حكومة غبية.. المؤكد فى كل حال، وإن كنا عرفنا ذلك ألف مرة من قبل، أن إعلام الحكومة الرسمى لم يعد يغطى الأخبار، وإنما يغطى عليها.. جريدة حكومية واحدة مهدودة الانتشار هى التى نشرت الخبر موجزاً بعد أن لوت عُنقه.

مع ذلك فإن مواصفات الجدار المصرى العازل، طوله وعرضه وعمقه والمواد التى يُبنى بها، أصبحت من كثرة ترديدها فى إذاعات العالم وصحفه نبأ مشاعاً، لكن الأخطر من هذا كله أنه يقام بخبرات أمريكية، وتحت إشراف سلاح المهندسين بالجيش الأمريكى، وأنه يزود بمعدات أمريكية، وأنه يتكلف مئات الملايين من الدولارات من ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية..

هو جدار أمريكى إذن أقيم على أرض مصر طوعاً بموافقتها أو كرهاً بإرغامها، وأمريكا هى صاحبة مصلحة أولى فى بنائه، إذ هى تحمى به ربيبتها إسرائيل كما فعلت ذلك منذ قيامها وحتى سارعت مؤخراً بعد العدوان الإسرائيلى البربرى على غزة فى يناير.. وقتها عقدت أمريكا، قبيل انتهاء ولاية بوش، اتفاقاً أمنياً مع إسرائيل، قيل إن مصر رفضت الانضمام إليه وإن كانت وثيقة الصلة بكل ترتيباته، ونتائج اجتماعاته فى كوبنهاجن ولندن، والخطوات التنفيذية التى أُقر اتخاذها على الأراضى المصرية لمكافحة أى اختراق يهدف إلى تهريب السلاح والبضائع إلى غزة، وذلك بالتعاون مع قوة الرقابة الأمريكية الرابضة فى سيناء.

الهدف من إقامة الجدار واضح إذن، فهو يحكم الحصار المصرى على غزة من الجنوب بعد أن أحكمت إسرائيل قبضتها عليها شمالاً وشرقاً وغرباً، بل إن الهدف - كما ورد فى تصريح خطير للمفوضة العامة لغوث اللاجئين كارين أبوزيد - هو «التمهيد لشن هجمة إسرائيلية مرتقبة على قطاع غزة».. .....
..."

No comments: