Monday, February 25, 2008

مبارك يحسم مستقبل القمة


مبارك يحسم مستقبل القمة

"كان الرئيس المصري حسني مبارك صريحا كعادته عندما قال في مقابلة مع التلفزيون البحريني ان نجاح القمة العربية المقبلة في دمشق يعتمد علي حل مشكلة لبنان ، وحمل سورية الدولة المضيفة لها مسؤولية حل الازمة اللبنانية الناجمة عن تعثر محاولات انتخاب رئيس جديد.
الرئيس مبارك ادلي بهذه التصريحات عقب توقفه في المنامة، بعد زيارة الي المملكة العربية السعودية التقي خلالها العاهل السعودي وبحث معه مجمل القضايا العربية مع تركيز خاص علي الازمة اللبنانية والقمة العربية المقبلة في دمشق.
كلام الرئيس المصري يصب في خانة الضغوط المكثفة التي تمارسها كل من مصر والسعودية علي القيادة السورية للقبول بمبادرة وزراء الخارجية العرب بشأن التسوية في لبنان، وهي مبادرة صيغت في القاهرة والرياض، وجري الباسها ثوبا عربيا اثناء اجتماع وزراء الخارجية العرب تحت مظلة الجامعة العربية، وتم تكليف السيد عمرو موسي امين عام الجامعة بالعمل علي تسويقها للاطراف اللبنانية المتصارعة.
السيد موسي، ورغم العصا السحرية التي زوده بها وزراء الخارجية العرب، فشل حتي الآن في احداث اي اختراق، ولم تنجح اي من جولاته، التي كان آخرها يوم امس الاول، في التوصل الي اتفاق بين الموالاة والمعارضة يؤدي الي انتخاب العماد ميشيال سليمان، قائد الجيش رئيسا توافقيا للبنان.
من الواضح ان الرئيس مبارك اتفق مع مضيفيه السعوديين علي عدم المشاركة في القمة المقبلة طالما ان سورية لم تضغط علي حلفائها في لبنان لقبول المبادرة العربية، والشروط السعودية المصرية القائمة عليها، ولا نستبعد ان ينضم اليهما في هذه المقاطعة ملوك ورؤساء آخرون لا يستطيعون رفض اي طلب سعودي في هذا الصدد.
القيادة السورية تراقب الموقف عن كثب، وتدرس بعناية خطوتها المقبلة علي صعيد القمة وانعقادها، وتقف امام بضعة خيارات حاسمة في هذا الصدد. الخيار الاول ان تتجاوب مع المطالب السعودية التي عبر عنها الامير سعود الفيصل بالضغط علي حلفائها في لبنان (حزب الله والتيار الوطني الحر) والقبول بالمبادرة العربية دون تحفظات، وبذلك تسهل مشاركة السعودية ومصر في القمة. والخيار الثاني يتمثل في التمسك بانعقاد القمة بمن حضر من القادة والزعماء وتجنب الانحناء للضغوط المصرية ـ السعودية. اما الخيار الثالث فهو تأجيل انعقاد القمة لاجل غير مسمي ريثما تتهيأ ظروف عربية افضل تسمح بانعقادها باكبر قدر ممكن من المشاركة.
التصريحات التي ادلي بها مسؤولون سوريون مثل السيدة بشري كنفاني نائبة وزير الخارجية، والافتتاحيات التي نشرتها الصحافة السورية، كلها تحدثت عن المضي قدما بعقد القمة العربية في موعدها، وبمن حضر من الزعماء والقادة، وهذا يرجح صدور قرار رسمي في هذا الخصوص. واذا كان الحال كذلك، فان فترة الشهر التي ستسبق انعقاد القمة ستشهد عمليات استقطاب غير مسبوقة، حيث سيحاول كل طرف من الطرفين المتصارعين، اي السوري والسعودي، حشد اكبر عدد ممكن من الزعماء العرب الي جانب موقفه.
انها مهزلة بكل ما تعنيه هذه الكلمة، مهزلة تعكس حالة الهوان التي انحدرت اليها مؤسسة القمة العربية واعضاؤها الذين من المفترض ان يقرروا مصير هذه الامة، والاخذ بيدها لتجاوز ازماتها الحالية.
كان من المفترض ان يذهب القادة العرب جميعا، الي دمشق والجلوس جنبا الي جنب في الغرف المغلقة، وعدم العودة الي بلادهم دون حل معظم الازمات العربية المطروحة علي جدول الاعمال، ان لم يكن كلها. ولكن هذا لن يحدث في قمة دمشق، لانه لم يحدث في القمم التي سبقتها. وهذا ما يفسر تفاقم هذه الازمات وتفريخها ازمات اخري لا تقل عنها خطورة، لانه جري ترحيلها من قمة الي اخري.
مؤسسة القمة العربية انهارت، وباتت بلا اي قيمة حقيقية لان هذه القمم باتت في معظمها تنعقد بتوجهات امريكية، من اجل تشريع حروب ضد دول عربية تعارض السياسات الامريكية، او لاصدار مبادرات سلام تعترف باسرائيل وتقدم لها ما تريده من تنازلات، او الاثنين معا.
"

No comments: