اسرائيل خائفة.. لكن ليس من العرب
عبد الباري عطوان
".....
اولا: التفوق العسكري في المحيط العربي لم يعد يشكل ضمانة لتخويف الآخرين، ويوفر الطمأنينة للاسرائيليين، فالاخطار التي تواجه الدولة العبرية في الحاضر، والمستقبل القريب، لم تعد محصورة في الانظمة الرسمية العربية، فهذه الانظمة استسلمت في معظمها ورفعت الرايات البيضاء، وانخرطت في اتصالات مباشرة مع تل ابيب، وتقدمت بمبادرة سلام تحقق لها جميع مطالبها. العدو الجديد لاسرائيل يأتي من المنظمات الجهادية على وجه التحديد، صغيرة كانت ام كبيرة، مثل 'حزب الله' و'الجهاد الاسلامي'، وحركة 'حماس'، و'لجان المقاومة الشعبية'، و'القاعدة'. فالجيش الاسرائيلي المزود بأحدث الاسلحة واكثرها تطورا غير مجهز او مدرب لمواجهة هذه المنظمات والانتصار عليها، وتجربة اسرائيل في الحرب الاخيرة على لبنان تعطي مثالا حيا في هذا الصدد.
* ثانيا: حل الدولتين الذي راهنت اسرائيل للوصول اليه وفق مواصفاتها الخاصة، ومن خلال عملية سلام مدعومة امريكيا، سقط بشكل مريع، فالجناح الفلسطيني المؤمن بهذا الحل، والمنخرط في العملية السياسية التفاوضية التي من المفترض ان تتكلل به في نهايتها يواجه الافلاس، وشعبيته تتراجع في اوساط الفلسطينيين بشكل سريع، خاصة مع انتهاء هذا العام دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة التي وعد بها الرئيس الامريكي جورج بوش
.....
اما التيار الثاني، فيطالب بالتحرير الكامل لفلسطين. وفشل سلطة رام الله في رهاناتها السلمية، وصمود حركة 'حماس' في قطاع غزة، وانهيار الحوار الداخلي الفلسطيني، كلها عوامل تعزز هذا التيار.
* ثالثا: انحسار نفوذ النظام الرسمي العربي على الساحة الفلسطينية، وتآكل اوراق الضغط المادية والمعنوية التي كان يستخدمها على الطرف الفلسطيني، ومنظمة التحرير على وجه الخصوص، لتعزيز مسيرة الاعتدال، والدفع باتجاه التسوية السلمية. فالمقاومة الفلسطينية لا تستمد وجودها واستمرارها من اي دعم عربي رسمي، مادي او عسكري. والشيء نفسه يقال عن المقاومة اللبنانية 'حزب الله'. والاهم من ذلك تراجع دور مصر 'عرّاب السلام' عربيا، فلم تعد بوابة التسوية مثلما كان عليه الحال قبل عشر سنوات.
.....
هذا البرنامج المتطرف هو الذي دفع ليفني الى الحديث عن عزمها طرد العرب من اسرائيل الى الدولة الفلسطينية، اي تكرار نكسة عام 48، او بالأحرى اكمال ما لم يتحقق من 'ترانسفير' قبل ستين عاما.
ما يمكن قوله وباختصار شديد، ان اسرائيل التي تضع الأمن على قمة اولوياتها، وتفهم السلام مع الفلسطينيين على ان يقوم هؤلاء بدور الحارس الامين لحدودها ومواطنيها، تشعر ان سلطة عباس لا تستطيع تحقيق هذا الهدف حتى لو ارادت، وترى ان امتلاك ايران لاسلحة نووية قد يجعل امنها الخارجي في مهب الريح اذا ما تطورت تحالفات ايران في لبنان وسورية وغزة.
العام الجديد قد يعكس هذه المخاوف الاسرائيلية سواء من حيث شن هجوم على قطاع غزة لانهاء سلطة 'حماس' وقوتها الصاروخية المتنامية، اوارسال الطائرات لضرب المنشآت النووية الايرانية.
صحيح ان امريكا التي تخوض حربين فاشلتين في العراق وافغانستان قد لا تؤيد حربا جديدة ضد ايران، ولكن علينا ان نضع في اعتبارنا ان اسرائيل دمرت المفاعل النووي العراقي عام 1981 والعراق كان حليفا آنذاك لامريكا، وشنت حربين ضد العرب، الاولى عام 1956، والثانية عام 1967 دون التنسيق الكامل مع الولايات المتحدة.
الفارق الابرز بين حروب اسرائيل السابقة واي حروب مستقبلية، انها كانت قادرة على الانتصار في الاولى، ولكن الحال قد لا يكون كذلك في الثانية، فالانتصار الامريكي العسكري على العراق لم يحقق الاستقرار، وكذلك في افغانستان، فالانتقام الايراني وارد سواء بالصواريخ او عبر حزب الله، واجتياح غزة جائز، ولكن السؤال المهم ماذا سيحصل بعده؟ وهذا ما يفسر تهديدات ايهود باراك اليومية باجتياح القطاع منذ عام دون ان يجرؤ على هذه الخطوة."
عبد الباري عطوان
".....
اولا: التفوق العسكري في المحيط العربي لم يعد يشكل ضمانة لتخويف الآخرين، ويوفر الطمأنينة للاسرائيليين، فالاخطار التي تواجه الدولة العبرية في الحاضر، والمستقبل القريب، لم تعد محصورة في الانظمة الرسمية العربية، فهذه الانظمة استسلمت في معظمها ورفعت الرايات البيضاء، وانخرطت في اتصالات مباشرة مع تل ابيب، وتقدمت بمبادرة سلام تحقق لها جميع مطالبها. العدو الجديد لاسرائيل يأتي من المنظمات الجهادية على وجه التحديد، صغيرة كانت ام كبيرة، مثل 'حزب الله' و'الجهاد الاسلامي'، وحركة 'حماس'، و'لجان المقاومة الشعبية'، و'القاعدة'. فالجيش الاسرائيلي المزود بأحدث الاسلحة واكثرها تطورا غير مجهز او مدرب لمواجهة هذه المنظمات والانتصار عليها، وتجربة اسرائيل في الحرب الاخيرة على لبنان تعطي مثالا حيا في هذا الصدد.
* ثانيا: حل الدولتين الذي راهنت اسرائيل للوصول اليه وفق مواصفاتها الخاصة، ومن خلال عملية سلام مدعومة امريكيا، سقط بشكل مريع، فالجناح الفلسطيني المؤمن بهذا الحل، والمنخرط في العملية السياسية التفاوضية التي من المفترض ان تتكلل به في نهايتها يواجه الافلاس، وشعبيته تتراجع في اوساط الفلسطينيين بشكل سريع، خاصة مع انتهاء هذا العام دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة التي وعد بها الرئيس الامريكي جورج بوش
.....
اما التيار الثاني، فيطالب بالتحرير الكامل لفلسطين. وفشل سلطة رام الله في رهاناتها السلمية، وصمود حركة 'حماس' في قطاع غزة، وانهيار الحوار الداخلي الفلسطيني، كلها عوامل تعزز هذا التيار.
* ثالثا: انحسار نفوذ النظام الرسمي العربي على الساحة الفلسطينية، وتآكل اوراق الضغط المادية والمعنوية التي كان يستخدمها على الطرف الفلسطيني، ومنظمة التحرير على وجه الخصوص، لتعزيز مسيرة الاعتدال، والدفع باتجاه التسوية السلمية. فالمقاومة الفلسطينية لا تستمد وجودها واستمرارها من اي دعم عربي رسمي، مادي او عسكري. والشيء نفسه يقال عن المقاومة اللبنانية 'حزب الله'. والاهم من ذلك تراجع دور مصر 'عرّاب السلام' عربيا، فلم تعد بوابة التسوية مثلما كان عليه الحال قبل عشر سنوات.
.....
هذا البرنامج المتطرف هو الذي دفع ليفني الى الحديث عن عزمها طرد العرب من اسرائيل الى الدولة الفلسطينية، اي تكرار نكسة عام 48، او بالأحرى اكمال ما لم يتحقق من 'ترانسفير' قبل ستين عاما.
ما يمكن قوله وباختصار شديد، ان اسرائيل التي تضع الأمن على قمة اولوياتها، وتفهم السلام مع الفلسطينيين على ان يقوم هؤلاء بدور الحارس الامين لحدودها ومواطنيها، تشعر ان سلطة عباس لا تستطيع تحقيق هذا الهدف حتى لو ارادت، وترى ان امتلاك ايران لاسلحة نووية قد يجعل امنها الخارجي في مهب الريح اذا ما تطورت تحالفات ايران في لبنان وسورية وغزة.
العام الجديد قد يعكس هذه المخاوف الاسرائيلية سواء من حيث شن هجوم على قطاع غزة لانهاء سلطة 'حماس' وقوتها الصاروخية المتنامية، اوارسال الطائرات لضرب المنشآت النووية الايرانية.
صحيح ان امريكا التي تخوض حربين فاشلتين في العراق وافغانستان قد لا تؤيد حربا جديدة ضد ايران، ولكن علينا ان نضع في اعتبارنا ان اسرائيل دمرت المفاعل النووي العراقي عام 1981 والعراق كان حليفا آنذاك لامريكا، وشنت حربين ضد العرب، الاولى عام 1956، والثانية عام 1967 دون التنسيق الكامل مع الولايات المتحدة.
الفارق الابرز بين حروب اسرائيل السابقة واي حروب مستقبلية، انها كانت قادرة على الانتصار في الاولى، ولكن الحال قد لا يكون كذلك في الثانية، فالانتصار الامريكي العسكري على العراق لم يحقق الاستقرار، وكذلك في افغانستان، فالانتقام الايراني وارد سواء بالصواريخ او عبر حزب الله، واجتياح غزة جائز، ولكن السؤال المهم ماذا سيحصل بعده؟ وهذا ما يفسر تهديدات ايهود باراك اليومية باجتياح القطاع منذ عام دون ان يجرؤ على هذه الخطوة."
No comments:
Post a Comment