المشكلة اسرائيل لا الصواريخ
عبد الباري عطوان
"....
....ولنوضح الصورة اكثر ونذكر الذين يحمّلون مطلقي الصواريخ مسؤولية حصار غزة ومجازرها، وليس اسرائيل، من العقلاء في الصفين الفلسطيني والعربي، بان عشرة لقاءات، مفتوحة ومغلقة، بين الرئيس عباس ونظيره الاسرائيلي ايهود اولمرت لم تزل حاجزا من ستمئة حاجز في الضفة الغربية، والذهاب الي مؤتمر انابوليس وفق الشروط الاسرائيلية والامريكية وبحضور عربي مكثف، لم يفكك مستوطنة واحدة غير قانونية ، ولم يمنع البناء في ال مستوطنات القانونية .
حركة حماس عرضت اكثر من مرة وقف اطلاق الصواريخ، وأجرت اتصالات مع فصائل المقاومة الاخري في هذا الخصوص، للتوصل الي هدنة ولكن اسرائيل رفضت كل العروض في هذا الاطار لانها تريد سحق المقاومة كليا، واعادة الشعب الفلسطيني الي صيغته السابقة، اي كشعب متسول يعتاش علي فتات مساعدات المجتمع الدولي.
حصار قطاع غزة فضح اسرائيل وهمجيتها مثلما فضح النظام الرسمي العربي وتواطؤ زعمائه، ووحد الرأي العام العربي لاول مرة منذ غزو العراق، واظهر قوته، رغم انه لم يتحرك بالشكل المطلوب. فرفع الحصار جزئيا جاء ثمرة لهذه الصحوة لدي الشارع العربي ورد فعله، لان الانظمة العربية، واصدقاء بوش، وراقصي رقصة السيف في معيته علي وجه الخصوص، خافوا من هذه البربرية الاسرائيلية ونتائجها عليهم من حيث تفجير خزان الاحتقان المتضخم تحت اقدامهم.
ہپہپہ
اسرائيل تضررت من الحصار، لان العالم لم يكن يصدق ان هناك دولة، متحضرة او همجية، يمكن ان تقطع الكهرباء والمواد الطبية عن شعب محاصر ومجوّع اصلا، وتتسبب في كارثة انسانية وصحية وبيئية بالطريقة التي شاهدناها علي شاشات التلفزة، والصورة لا تكذب.
ايهود اولمرت ومجموعته الحاكمة لم يسيئوا للفلسطينيين فقط، وانما لليهود ضحايا النازية عندما تصرفوا بهذه الطريقة الوحشية، لان كل القوانين الدولية التي تحرم العقوبات الجماعية، وتعتبرها جرائم حرب، واصبحت من تراث البشرية، هي نتاج تضحيات هؤلاء اليهود، ولمنع تكرار حدوثها لهم او لأي شعب آخر.
الاسرائيليون يطبقون في حق الفلسطينيين العزل ما طبقه النازي في حق اجدادهم العزل ايضا، عندما حولوا قطاع غزة من سجن كبير الي فرن غاز كبير، ليس امام اهله غير احد خيارين، اما الموت برصاص وشظايا قنابل الدبابات الاسرائيلية، او الموت جوعا وبردا ومرضا من جراء انفجار المجاري لانقطاع الكهرباء وتوقف معامل معالجتها.
الحكومة المصرية التي تتحمل مسؤولية قانونية واخلاقية عن قطاع غزة، تصرفت بطريقة تفتقر الي ابسط انواع الذوق والانسانية عندما وجهت اللوم الي الفلسطينيين ايضا، وطالبتهم عبر المتحدث باسمها بعدم تصدير مشاكلهم الي مصر ردا علي اقتحام مظاهرة نسائية لمعبر رفح.
اي مشاكل هذه التي يصدرها الفلسطينيون المحاصرون المجوعون الي مصر الدولة العربية الاسلامية الجارة، التي قدم شعبها آلاف الشهداء دفاعا عن الكرامة العربية المهدورة في فلسطين؟ وهل المطالبة بفتح باب السجن لإجلاء الجرحي والمرضي هي تصدير مشاكل؟
ہپہپہ
الحكومة المصرية اغلقت سجن غزة علي نزلائه وقذفت بالمفتاح في البحر، وادارت ظهرها لمعاناة مليون ونصف المليون من البشر وكأن الامر لا يعنيها. وهذا التصرف هو اسوأ انواع اللامسؤولية واللامبالاة تجاه مشاعر الاشقاء ابناء العقيدة الواحدة، والانتماء الواحد.
الرئيس عباس قال انه عرض تسلم مسؤولية السيطرة علي المعابر، لكن هناك طرفا ما يرفض، ملمحا الي الطرف الاسرائيلي، وكأنه يخشي تسميته، لقد بلغ الخوف ببعض مسؤولينا درجة كبيرة بحيث لا يستطيعون توجيه اي لوم الي اسرائيل.....
....."
No comments:
Post a Comment