مبادرة 'مسمومة' يجب رفضها
عبد الباري عطوان
"الحكومة المصرية تعمدت التقدم بهذه المبادرة، مستغلة وجود الرئيس
الفرنسي نيكولاي ساركوزي في المنطقة، لاضفاء شراكة أوروبية عليها، مما يسهل تسويقها عربياً وعالمياً، ولكن واقع الحال يقول انها مبادرة مصرية صرفة موحى بها امريكياً واسرائيلياً، بدليل ان حكومة اولمرت تلقفتها بسرعة خيالية، ورحبت بها وقررت ايفاد مبعوث عنها الى القاهرة لمناقشتها، بينما قامت في الوقت نفسه، باعطاء الضوء الأخضر لتكثيف الغارات الجوية على الحدود المصرية الفلسطينية (محور صلاح الدين) لفرض واقع على الأرض يُحْكم السيطرة الاسرائيلية على طول هذه الحدود.
.....
ما يمكن قوله، وبايجاز شديد، ان اسرائيل ادركت ان اهداف حربها في تغيير حكومة 'حماس' في قطاع غزة من خلال الخيار العسكري لن تتحقق، كما ان وقف اطلاق الصواريخ بات مسألة شبه مستحيلة، ان لم تكن مستحيلة، وبدأ العد التصاعدي للخسائر السياسية في تزامن مع تصاعد الخسائر البشرية.
اسرائيل فشلت وبعد ما يقرب من الاسبوعين في اعتقال اي من قادة 'حماس'، او الافراج عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، والشيء الوحيد الذي انجزته بنجاح (لا تحسد عليه) هو قصف المدارس الآمنة، وقتل واصابة اكبر عدد من الاطفال والمدنيين.
ساركوزي تطوع لتوفير تغطية لهذا الدور الرسمي المصري بوضع اسمه شريكا في هذه المبادرة، بعد ادراكه مدى خدمتها للمصالح والاهداف الاسرائيلية، وعلينا ان نتذكر انه اوثق صديق لاسرائيل بعد جورج بوش، ان لم يكن قبله، وعلينا ان نتذكر انه استغل رئاسة فرنسا للاتحاد الاوروبي التي انتهت مع نهاية هذا العام، لاعطائها كل امتيازات الدول الاعضاء في الاتحاد، دون ان تكون عضوا فيه، وخاصة الامتيازات التجارية والاقتصادية والامنية.
الشعب الفلسطيني سيتجاوز هذه الحرب الدموية، وسيعيد بناء كل ما تدمر من انفاق ومنازل، تماما مثلما فعل شقيقه اللبناني، اما ما سيصعب بناؤه واصلاحه فمواقف انظمة عرب الاعتدال المتآمرة على عدوان وحشي على شعب اعزل قرر المقاومة نيابة عن هذه الامة وهذه العقيدة.
المبادرة الوحيدة المطلوبة من الحكومة المصرية هي ان تفتح المعابر والحدود، وترسل الدبابات لوقف العدوان، وتنــــحاز الى المقاومة في مواجهة هذه المجازر النازية، هذا هو ما يريده الشعب المصري، وهذا ما يتظاهر من اجله يوميا للتعبير عن غضبه العارم واستعداده لإرسال آلاف الاستشهاديين لوضع حد لهذه الغطرسة الاسرائيلية. اما غير ذلك فمرفوض وغير مقبول ومعيب ايضا."
No comments:
Post a Comment