Monday, May 21, 2007

كرامة الجيش اللبناني المهدورة

عبد الباري عطوان

"كشفت الصدامات الدموية التي وقعت طوال اليومين الماضيين في مخيم نهر البارد الفلسطيني عن مدي ارتباك قيادة الجيش اللبناني، وانعدام الرؤية السياسية لديها، واستئسادها علي الفلسطينيين وحدهم، وسقوطها في اول اختبار مواجهة حقيقي مع قوي ضعيفة من حيث العدد والعتاد بالمقارنة مع عديده وعتاده.
........
قيادة الجيش اللبناني، وفي محاولة منها للتغطية علي هذا القصور الفاضح لجأت الي قصف المخيم بطريقة عشوائية انتقامية، مستهدفة المدنيين، ومستخدمة مدفعية ثقيلة في مواجهة اسلحة خفيفة غير مؤثرة، وهذا ما ادي الي تبخر التعاطف مع الجيش اللبناني في اوساط الكثيرين، باستثناء الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة التي تصدر دائما اخفاقاتها علي اطراف خارجية.
......
ادارة الجيش للأزمة في نهر البارد كانت سيئة بكل المقاييس، وتكشف عن انعدام الخبرة، وغياب الحكمة، ورغبة دموية متأصلة بالانتقام. فخطف مجموعة لطائرة او سفينة لا يبرر قصفها واسقاطها او اغراقها.
لبنان يعيش حالة من الاحتقان بسبب الانقسامات الحادة في صفوفه ليس بسبب فتح الاسلام وانما المحكمة الدولية، وهناك جهات لبنانية وغير لبنانية تريد تدميره وسورية والمنطقة بأسرها، سواء من خلال الاصرار علي تشكيل هذه المحكمة او وضع العقبات في طريقها.
.......
امر مؤسف ان نري النخبة السياسية اللبنانية تتحدث عن هيبة الدولة، وتتوحد جميعها ضد الفلسطينيين، تحت ذريعة الانتقام من فتح الاسلام ، وهي النخبة التي انقسمت في مواجهة العدوان الاسرائيلي علي لبنان، مثلما انقسمت علي المقاومة التي تصدت له، وكأن هؤلاء ليسوا عربا ومسلمين.
لم نسمع سياسيا لبنانيا واحدا يعترض علي القصف العشوائي لمخيم نهر البارد الذي يضم اكثر من اربعين الف لاجئ انحشروا في اقل من كيلومتر مربع هربا من القصف المدفعي العشوائي وكأن هؤلاء ليسوا بشرا، ولا يوجد بينهم اطفال ونساء.
عناصر فتح الاسلام ليسوا جميعا من الفلسطينيين، ولا يمثل هؤلاء الا اقل من ثلاثين في المئة منهم فقط، ومع ذلك يتعرض الفلسطينيون الي حملة تحريض غير مسبوقة من قبل السياسيين اللبنانيين في الجانبين.
.......
وتتحمل النخب اللبنانية السياسية الفاسدة، التي تورث فسادها لابنائها، مثل الحكام العرب تماما، المسؤولية الاكبر عن تحويل لبنان الي دولة فاشلة تستقطب التطرف بكل انواعه، تماما مثل العراق والصومال وافغانستان. فالابقاء علي المخيمات الفلسطينية علي حالها المزري الراهن، حيث تنعدم الخدمات كليا، ويمنع علي الفلسطيني العمل في اكثر من ستين وظيفة علي الاقل، وادخال كيس اسمنت واحد لبناء غرفة جديدة لاستيعاب اطفاله او تزويج من بلغ الرشد منهم، هذا الوضع جعلها غيتوهات تطرف، ومناطق جذب لكل الرافضين للعجز العربي الرسمي بمختلف اشكاله.
فمن غير المنطقي ان يجد الباكستاني والهندي والفلبيني العمل في لبنان في مختلف المجالات ولا يجد اللاجئ الفلسطيني في لبنان غير الخدمة في المنازل او الانضمام الي الجماعات المتطرفة لإطعام اطفاله الجوعي.
واذا كان تنظيم فتح الاسلام ليست له علاقة مع القاعدة، فان التنظيم سيصل الي لبنان في الايام القريبة، ان لم يكن قد وصل فعلا، فالعائدون من العراق بدأوا يعودون الي بلادهم لتوظيف خبراتهم التي اكتسبوها بفاعلية ضد الانظمة الحاكمة المتواطئة مع الامريكان والاسرائيليين حسب تصنيفاتهم.
العائدون من العراق سيكونون اخطر كثيرا من سابقيهم الذين عادوا من افغانستان، لان خبرة هؤلاء تأتي من مواجهتهم الجيش الامريكي الذي يعتبر الاكثر احترافية وخبرة وتسليحا في العالم بأسره، وهي مواجهة استمرت اكثر من اربع سنوات افشلوا خلالها المشروع الاحتلالي الامريكي، واسقطوا الحكم الطائفي في بغداد عمليا.
......."

No comments: