Sunday, February 3, 2008

فلسطين والعرب.. من سيحرر من..؟؟

بقلم: كمال جابر

"لم تكن الحرية التي يتغنى بها البشر جميعا ، ويبذلون الغالي والنفيس من أجل تحصيلها ، مفقودة لدى فلسطين واهلها دون سائر إخوانهم من العرب جميعاً..!! حيث أن المصاب هو واحد ، والمحنة هي ذاتها قد ألمت بالجميع،، غير أن هذه الحرية المفقودة هنا وهناك تختلف في أشكالها وصورها وإن كان الجوهر واحدا لا يختلف إلا من حيث تعدد ألوان الفقد لهذه الحرية وتركزها في بلد (فلسطين) ، واقتصار هذا الفقد على بعض من ألوانه فقط في سائر الأقطار .. الأمر الذي دفع بالكثيرين منا للاعتقاد (مخطئين) باكتمال الحرية لدى بني قومنا ..!!

وإذا كانت فلسطين هدفاً أولياً ومحطةً مركزيةً بالنسبةِ للطامعين الغزاة ،، فإن القدرة على الاحتفاظ بهذه المحطة والاستمرار في إخضاعها مرهون بقدرة المحتلين على سلب الحرية من الأقطار المحيطة ، حتى تبقى غير قادرة على تحريك الساكن باتجاه إعادة الحرية لفلسطين من باب أن فاقد الشيء لا يعطيه..!! هذا ما كان ،، وهذا هو سر العجز العربي الرسمي عن الارتقاء لمستوى التحديات فيما يتعلق بقضايا الأمة المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية .!!

من هنا يتبين لنا أن إخضاع فلسطين واحتلالها عسكريا لم يكن إلا بعد أن تم تحييد العرب بشكل حاسم عبر إخضاعهم معنويا وإرهابهم ماديا ونفسيا , وحصارهم ثقافيا وفكريا وعلميا حتى باتوا غير قادرين على الوقوف في وجه الغزاة الوافدين من أصقاع المعمورة ..،، وبناءً على ذلك فإن تحرير فلسطين الأرض بالقوة المسلحة يجب أن يسبقه تحرير للإنسان العربي معنويا وفكريا وتصوريا ،، وإزاحة أطنان من الركام والترسبات عن ذاكرته الحية لإعادة تأهيله ليكون قادرا على تحطيم كل القيود والمعيقات المختلفة التي تصنع منه كائنا محايدا وسلبيا بينما يرقب المعركة الطاحنة التي تدور رحاها على بعد مرمى حجر منه..!!

فتحرير العربي من شعوره بالضعف والعجز وقلة الحيلة وانحسار البدائل والخيارات أمامه ، وإعادة إنعاش ذاكرته بمعاني الأخوة والوحدة والمصير المشترك والهم الواحد لهي الخَطوة الأولى باتجاه إعادة توجيه بوصلة المسير إلى حيث يجب أن تتوجه ..،، فهذه المهمة السامية والغاية النبيلة لا بد لها من طليعة رائدة مبصرة تأخذها على عاتقها وتسعى حثيثا لإنفاذها .. وإنني أزعم واثقا ان حماس قد أخذت على عاتقها القيام بهذه المهمة الغالية منذ سنوات مضت ،، يوم أن أعلنت بوضوح أن العرب والمسلمين جميعا يشكلون العمق الإستراتيجي لفلسطين.. سياسيا وحضاريا وجغرافيا .. لا بل لحما ودما ،، أذواقاً ومشاعرَ وهموما..!!

هذا التوجه الناضج وما يحمله من معان ودلالات كبيرة ، وبصيرة نافذة في إدارة دفة المعركة مع الأعداء يعتبر الرد الطبيعي والمنطقي لكل المحاولات المستميتة التي سعت جاهدة لسلخ فلسطين عن محيطها العربي الإسلامي الدافئ...وربطها بمنظومات وقوى معادية تماما لتكون فلسطين بمثابة ظل وتابع للاحتلال وأعوانه... عبر التسليم بتحكم هذه القوى برغيف الخبز وراتب الموظف ومتطلبات الحياة الأساسية ومفاصل الحركة والتواصل مع العالم الخارجي كالمعابر وغيرها..!! وهو ما ترجمته عمليا وما تزال سلطة أوسلو المشؤومة... غير ان الخطورة المترتبة على وضع كهذا تتجاوز مجرد التبعية والارتباط وإسلام القياد والمصير للاحتلال وأعوانه .. باتجاه ممارسة المزيد من التخذيل لعمقنا العربي الإسلامي وتوفير المسوغات والمبررات له للإمعان في سلبيته وصمته تجاه فلسطين طالما قيادتها غير الشرعية تسعى جاهدة لذلك عبر تقلب أدائها في الميدان ما بين التبعية للاحتلال والقيام بدور الوكيل عنه..!!

ولكن حماس عندما نأت بنفسها عن الانخراط في توجهات سلطة اوسلو آنفة الذكر بتفاصيلها والتي كادت أن تكون واقعا لا انفكاك عنه ، وقدمت البديل الصادق والرؤية الصحيحة بالانحياز للأمة كعمق واقعي وامتداد موضوعي مشفوع بظلال الحضارة ووحدة الدين والدم واللسان والتاريخ والجغرافيا ،، إنما كانت تؤسس لخارطة طريق جديدة يتم عبرها تسويق القضية الفلسطينية بعيدا عن الارتهان للعدو سياسيا واقتصاديا وأمنيا وماليا .. فهذا التوجه هو ما يخيف الكيان الصهيوني ومن يقف خلفه لأنه ينزع من بين أيديهم أوراقا أثبتت التجارب السابقة والحوادث الحاضرة أنهم لم يستخدموها إلا لاستجلاب المزيد من الإذلال لشعبنا الأبي..!!

نعم فالتوجه للعرب والمسلمين شعوبا وحكومات ومنظمات وفعاليات رسمية وشعبية وتفعيله بكل الوسائل والإمكانات وتوظيف كل الاسباب التي تثير الحماسة والحمية والنخوة الاصيلة وتفجر الطاقات الكامنة وتحرك الإبداع وتنمي روح المبادرة لدى شعوبنا لتأخذ دورها المتقدم من الآن فصاعدا في ساحات المعركة ،، لهي أوجب الواجبات في المرحلة الراهنة ،، فالرهان على عمقنا العربي والإسلامي أجدى ألف مرة من الارتهان لإرادة بوش وألمرت .. وما حادثة تحطيم جدران الحصار عنا ببعيدة ... سواءٌ من ناحية صوابية الرهان على عمقنا الحقيقي ، أو من ناحية قدرة الشعوب الحية على تسطير الأفعال المجيدة إذا وجدت من يأخذ بيدها ويرشدها نحو مسالك العزة والفخار..!! "

No comments: